النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ..!

  1. #1
    عضو فعال
    تاريخ التسجيل
    09-2009
    المشاركات
    1,174

    افتراضي كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ..!



    بسم الله الرحمن الرحيم

    عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :
    أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبيّ فقال :
    ( كن في الدنيا كأنك غريب ، أو عابر سبيل ) .


    وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول : " إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك " . رواه البخاري .


    الشرح

    عندما نتأمل في حقيقة هذه الدنيا ، نعلم أنهالم تكن يوما دار إقامة ، أو موطن استقرار ، ولئن كان ظاهرها يوحي بنضارتها وجمالها ، إلا أن حقيقتها فانية ، ونعيمها زائل ، كالزهرة النضرة التي لا تلبث أن تذبل ويذهب بريقها .


    تلك هي الدنيا التي غرّت الناس ، وألهتهم عن آخرتهم ، فاتخذوها وطنا لهم ، ومحلا لإقامتهم ، لا تصفو فيها سعادة ، ولا تدوم فيها راحة ، ولا يزال الناس في غمرة الدنيا يركضون ، وخلف حطامها يلهثون ، حتى إذا جاء أمر الله انكشف لهم حقيقة زيفها ، وتبين لهم أنهم كانوا يركضون وراء وهم لا حقيقة له ، وصدق الله العظيم إذ يقول : { وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } ( آل عمران : 185 ) .


    وما كان النبي صلى الله عليه وسلم ليترك أصحابه دون أن يبيّن لهم ما ينبغي أن يكون عليه حال المسلم في الدنيا ، ودون أن يحذّرهم من الركون إليها ؛ فهو الرحمة المهداة ، والناصح الأمين ، فكان يتخوّلهم بالموعظة ، ويضرب لهم الأمثال ، ولذلك جاء هذا الحديث العظيم بيانا وحجة ووصية خالدة .


    لقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمنكبيّ عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ؛ ليسترعي بذلك انتباهه ، ويجمع إليه فكره ، ويشعره بأهمية ما سيقوله له ، فانسابت تلك الكلمات إلى روحه مباشرة : ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) .


    وانظر كيف شبّه النبي صلى الله عليه وسلم مُقام المؤمنين في الدنيا بحال الغريب ؛ فإنك لا تجد في الغريب ركونا إلى الأرض التي حل فيها ، أو أنسا بأهلها ، ولكنه مستوحش من مقامه ، دائم القلق ، لم يشغل نفسه بدنيا الناس ، بل اكتفى منها بالشيء اليسير .


    لقد بيّن الحديث غربة المؤمن في هذه الدنيا ، والتي تقتضي منه التمسّك بالدين ، ولزوم الاستقامة على منهج الله ، حتى وإن فسد الناس ، أو حادوا عن الطريق ؛ فصاحب الاستقامة له هدف يصبو إليه ، وسالك الطريق لا يوهنه عن مواصلة المسير تخاذل الناس ، أو إيثارهم للدعة والراحة ، وهذه هي حقيقة الغربة التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( بدأ الإسلام غريبآ وسيعود كما بدأ غريبآ فطوبى للغرباء ) رواه مسلم .


    وإذا كان المسلم سالكاً لطريق الاستقامة ، حرص على قلّة مخالطة من كان قليل الورع ، ضعيف الديانة ، فيسلم بذلك من مساويء الأخلاق الناشئة عن مجالسة بعض الناس كالحسد والغيبة ، وسوء الظن بالآخرين ، وغير ذلك مما جاء النهي عنه ، والتحذير منه .


    ولا يُفهم مما سبق أن مخالطة الناس مذمومة بالجملة ، أو أن الأصل هو اعتزال الناس ومجانبتهم ؛ فإن هذا مخالف لأصول الشريعة التي دعت إلى مخالطة الناس وتوثيق العلاقات بينهم ، يقول الله تعالى : { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا } ( الحجرات : 13 ) ، وقد جاء في الحديث الصحيح : ( المسلم إذا كان مخالطا الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ) رواه الترمذي ، ولنا في رسول الله أسوة حسنة حين كان يخالط الناس ولا يحتجب عنهم .


    وإنما الضابط في هذه المسألة : أن يعتزل المرء مجالسة من يضرّه في دينه ، ويشغله عن آخرته ، بخلاف من كانت مجالسته ذكرا لله ، وتذكيرا بالآخرة ، وتوجيها إلى ما ينفع في الدنيا والآخرة .


    ولنا عودة مع قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( كأنك غريب ، أو عابر سبيل ) ، ففي هذه العبارة ترقٍّ بحال المؤمن من حال الغريب ، إلى حال عابر السبيل .


    فعابر السبيل : لا يأخذ من الزاد سوى ما يكفيه مؤونة الرحلة ، ويعينه على مواصلة السفر ، لا يقر له قرار ، ولا يشغله شيء عن مواصلة السفر ، حتى يصل إلى أرضه ووطنه .


    يقول الإمام داود الطائي رحمه الله : " إنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة ، حتى ينتهي ذلك بهم إلى آخر سفرهم ، فإن استطعت أن تقدم في كل مرحلة زادا لما بين يديها فافعل ؛ فإن انقطاع السفر عما قريب ، والأمر أعجل من ذلك ، فتزود لسفرك ، واقض ما أنت قاض من أمرك " .


    وهكذا يكون المؤمن ، مقبلا على ربه بالطاعات ، صارفا جهده ووقته وفكره في رضا الله سبحانه وتعالى ، لا تشغله دنياه عن آخرته ، قد وطّن نفسه على الرحيل ، فاتخذ الدنيا مطيّة إلى الآخرة ، وأعد العدّة للقاء ربه ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

    ( من كانت الآخرة همه ، جعل الله غناه في قلبه ،
    وجمع له شمله ، وأتته الدنيا وهي راغمة
    ) رواه الترمذي .


    ذلك هو المعنى الذي أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يوصله إلى عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ، فكان لهذا التوجيه النبوي أعظم الأثر في نفسه ، ويظهر ذلك جليا في سيرته رضي الله عنه ، فإنه ما كان ليطمئنّ إلى الدنيا أو يركن إليها ، بل إنه كان حريصا على اغتنام الأوقات ، كما نلمس ذلك في وصيّته الخالدة عندما قال رضي الله عنه : " إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك "


    منقول للفائده

  2. #2
    عضو فخري الصورة الرمزية اتحادي
    تاريخ التسجيل
    09-2008
    الدولة
    المدينه المنوره
    المشاركات
    2,642

    افتراضي

    جزاك الله خير

    و ان شاءالله في ميزان حسناتك

  3. #3
    The Power Of Dreams
    تاريخ التسجيل
    05-2009
    المشاركات
    1,247

    Thumbs up


    جزاك الله ألف خير

    والله يعطيك ألف عافية



    شكرا على النقل





  4. #4
    سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
    تاريخ التسجيل
    02-2009
    الدولة
    العاصمة
    المشاركات
    814

    افتراضي

    الله يعطيك العافية

  5. #5
    ][ الجــنـــ 07 ـــوب يالبا روحها ][
    تاريخ التسجيل
    08-2008
    الدولة
    الدمام فديتهأأأ
    المشاركات
    1,942

    افتراضي

    الله يعطيك العافيه ويجعله في موازين حسناتك ووالديك ومن تحب

  6. #6
    >> ربِ إني لِما أنزلتَ إلي مِن خيرٍ فقير <<
    تاريخ التسجيل
    04-2009
    الدولة
    Jed-Yan
    المشاركات
    2,990

    افتراضي

    اللهم اجعلنا من الغرباء في الدنيا ومن السعداء في الآخره

    جزاك الله كل خير


المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 14-12-2011, 12:39 AM
  2. أخوكم عابر
    بواسطة عابرخطواتي في المنتدى ملتقى الأعضاء Forum Members
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 12-07-2010, 01:02 PM
  3. عابر سبيل وما اظن له غير هنادي
    بواسطة قريندايزر في المنتدى هوندا اكورد Accord
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 15-02-2010, 04:25 PM
  4. فديو:سيرة النــــــبـــــى -عليه السلام-كأنك معه !
    بواسطة اكوردي 2004 في المنتدى إستراحة النادي Break Club
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 23-08-2009, 08:16 PM
  5. ْçèٌ يêùٌ.............................
    بواسطة ـبطرانـ2005ــ في المنتدى ملتقى الأعضاء Forum Members
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 11-03-2007, 09:59 AM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
[Output: 65.88 Kb. compressed to 59.22 Kb. by saving 6.66 Kb. (10.10%)]