رفعت يدي ...لأدعو ربي
ولكن لا يوجد سقف لمنزلنا
ورأيت خلق غير البشر وأحسست بألم رهيب
ألم جحظت له عيناي وسكتت عنه آلامي
نظرت لأخي فوجدته يضرب بيده على رأسه وينظر إلى ذاك السرير قلت له: اسكت أنت
تعذبني
لكنه كان يزيد الصراخ
وأمي تبكي في حضن أبي
وزاد والنحيب
وقفت أمامهم عاجزاً ومذهول
رفعت راسي إلى السماء وقلت: يا رب ما الذي يحصل لي يا رب
وسمعت صوت من حولي ... آتياً .. من بعيد ... بلا مصدر
تمعنت في القول سمعي
فوجدت الصوت يعلو ... ويزيد ... وكأنه قرآن
نعم إنه قرآن والصوت بدأ يقوى ويقوى ويقوى
هزنى من شدته
كان يقول :" لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ
فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ"
شعرت به مخاطباً إياي.
وفى هول الصوت
وجدت أيدي تمسك بي
ليسوا مثل البشر
يقولوا: تعال.
قلت لهم ومن انتم؟
وماذا تريدون؟
فشدوني إليهم فصرخت
أتركوني
لا تبعدوني عن أمي وأبي ... وأخي ...
هم يظنوا أني مت...
فردوا : وأنت فعلاً ميت
قلت لهم: كيف وأنا أرى وأسمع وأحس بكي شيء
ابتسموا وقالوا: عجيب أمركم يا معشر بشر أتظنون أن الموت نهاية الحياة؟
ألا تدرون أنكم في البداية؟
وحلم طويل ستصحون منه
إلى عالم البرزخ
سألتهم أين أنا ؟؟ ... وإلى أين ستأخذوني؟؟
قالا لي: نحنا حرسك إلى القبر
ارتعشت خوفا
أي قبر؟
وهل ستدخلونني القبر
فقالا: كل ابن آدم داخله
فقلت: لكن..!
فقالا: هذا شرع الله في ابن آدم
فقلت: لم أسعد بها من كلمة في حياتي .. كنت أخشاها ويرتعد لها جسمي ... وكنت
أستعيذ الله منها وأتناساها.
لم أتخيل أني في يوم من الأيام داخل إلى القبر.
سألتهم وجسمي يرتعش من هول ما أنا به: هل ستتركونني في القبر وحدي؟
فقالا: إنما عملك وحده معك.
فاستبشرت وقلت وكيف هو عملي؟؟ أهو صالح؟
......
وحطم صمتنا صوت صريخ أحدهم فالتفت أليه ... ونظرت إلى آخر .. فوجدته مبتسماً
بكل رضا
وكل واحد منهم لديه نفس الاثنين مثلي.
سألتهم: لم يبكي؟!
فقالا: يعرف مصيره. كان من أهل الضلال
قلت: أيدخل النار؟ واسترأفت بحاله
وهذا؟؟ وكان متبسماً سعيداً رضياً .. أيدخل الجنة؟؟
ماذا عني؟
أين سأكون ؟
هل إلى نعيم مثل هذا أم إلى جحيم مثل ذاك؟
أجيبوني ..
فردا: هما كانا يعلمان أين هما في الدنيا. والآن يعلمون أين هم في الآخرة.
وأنت؟! كيف عشت دنياك؟؟
فرددت : تائه؟ .. متردد؟
قليلٌ من العمل الصالح وقليل من الطالح؟
أتوب تارة وأعود بالمعاصي كما كنت؟
لم أكن أعلم غير أن الدنيا تسوقني كالأنعام.
فقالا: وكيف أنت اليوم هل ستضل متردداً تائهاً؟
فصرخت:ماذا تقصد .. أواقع في النار أنا؟
فقالا: النار .. رحمة الله واسعة
ولا زالت رحلتك طويلة.
نظرت خلفي ... فوجدت عمي وأبي وأخي يبكون خلفي
يحملون صندوق على أكتافهم
ركضت مسرعاً إليهم
صرخت .. وصرخت .. ولم يرد علي أحد
أمي كانت بين الناس تبكي ... تقطع قلبي وذهبت إليها ... فقلت أماه ... لا تبكِ
.. أنا هنا أسمعيني ... أمي ... أمي ... أدعي لي يا أمي وقفت بجانب أبي : وقت
في أذنه: أبي ... استودعتك الله وأمي يا أبي ... فلترعاها ... وتحبها كما
أحببتنا .. وأحببناك ...
صرخت إلى أخي ... أحب إلى من نفسي ... وقلت له ... محمد فلتترك الدنيا خلفك ...
إياك ورفقة السوء وعليك بالعمل الصالح ... الخالص لوجه ربك ... ولا تنسى أن
تدعوا لي وتتصدق لي .. وتعتمر لي ... فقد انقطع عملي .. فلا تقطع عملك .. حتى
بعد موتك ... فقد فاتني .. ولم يفتك أنت ... وتذكرني ما دامت بك الروح وإياك
والدنيا فإنها رخيصة ولا تنفع من زارها ... وقفت على رأسهم كلهم ... وصرخت
بكل صوتي:وداعاً أحبتي .. لكم يحزنني فرقكم ... ولكن إلى دار المعاد معادنا .. نلتقي على
سرر متقابلين .. أن كنا من أصحاب اليمين ..
لم يجبني أحد ... كلهم يبكون ... ولم يسمعني أحد ... تقطع قلبي من وداعهم بلاوداع
لم أتمنى قبل ذهابي إلا أن يسمعوني
وشدني صحبي .. وأنزلوني قبري
ووضعوا روحي على جسدي في قبري
ورأيت أبي يرش على جسدي التراب
حتى ودعني .. وأغلق قبري
لا يشعرون بما أشعر
وأحسدهم على الدنيا ... لطالما كانت مرتع الحسنات ولم آخذ منها شيء
لكن لا ينفعني ندم
كنت أبكى وكانوا يبكون
كنت أخاف عليهم من الدنيا
وأتمنى إذا صرخت أن يسمعوني
وخرجوا كلهم وسمعت قرع نعالهم
وبدأت حياتي ... في البرزخ ..
لا إله إلا الله ... لا إله إلا الله .... لا إله إلا الله

انشرها لتكسب أجر نشرها
مع تحياتي