تزايدت ظاهرة قيام شركات السيارات الكبرى باستدعاء أعداد ضخمة من سياراتها بعد أن تسلمها الزبائن لوجود عيوب في هذه السيارات بعضها خطير. والغريب إن ذلك يحدث بصفة خاصة في العديد من الدول الغربية التي نسمع كثيرا إن معايير الجودة لديها غاية في التشدد ولا تترك أدني خطأ يمر حيث إن المبدأ هناك 'حياة الزبون علي حق' وليس الزبون نفسه. ومع ذلك فقد وصلت أرقام الاستدعاءات الي الملايين، ففي الشهر قبل الماضي أصدرت احدي محاكم كاليفورنيا حكما قضائيا ضد واحدة من كبري شركات السيارات الأمريكية بإجبارها علي استدعاء ما يقرب من 1.7 مليون سيارة لوجود عيب في نظام الإشعال.
لقد أثارت هذه الظاهرة حيرتنا خاصة بعد أن زيارة الكثير من مراكز مراقبة الجودة في أكثر من شركة أوربية ولمسنا مدي صرامة الاختبارات التي تجريها كل شركة علي سياراتها. وأصبح السؤال هل تراخت القواعد التي تطبق في هذه المراكز؟ أم ان التنافس علي طرح الموديلات الجديدة في الأسواق هي السبب وراء الظاهرة!!وهناك نقطة أخري جديرة بالملاحظة وهي أن تجربة السيارات أصبحت تتم علي المحاكيات علي أجهزة الكمبيوتر.. لا في الواقع فوق الطرق العادية أو الوعرة، وربما يكون ذلك هو السبب وراء كثرة استدعاء الشركات لسياراتها. وأخيرا يظن كثيرون ان بعض الشركات تستخدم الزبائن كفئران تجارب لاختبار سياراتها بعد إتمام عمليات البيع بالطبع.. إلا أن جيف سويت نج مدير فرع سلامة السيارات بهيئة التفتيش علي السيارات وهو جهاز حكومي بريطاني يقول إن العكس هو الصحيح.. وان معظم صناع السيارات يقومون بتجارب مكثفة وعنيفة علي سياراتهم للتأكد من سلامتها قبل طرحها في الأسواق، ويضيف انه من المهم ان ندرك إن استدعاء بعض السيارات للتأكد من سلامتها لا يعني أبدا وجود أخطاء بهذه السيارات فقد لا يتعدى الأمر مجرد الفحص والتأكد حيث إن المعدل الطبيعي لوجود عيوب بالسيارات لا يزيد بأي حال من الأحوال عن وجود هذه العيوب في سيارتين أو ثلاثة من كل 100 ألف سيارة ولكن من الضروري - في بعض الأحيان- فحص الكل لمجرد الاطمئنان.

ويختلف البعض مع هذه النظرة ويؤكدون أن معدل الاستدعاء قد زاد بالفعل في بريطانيا بنسبة 60 % منذ عام 1991 كما إن حوالي مليون سيارة تم استدعاؤها في بريطانيا وحدها العام الماضي. ويري هؤلاء أن بعض السيارات تكون عبارة عن نعش متحرك علي الأرض علي الرغم من جودتها التصنيعية الفائقة، إلا انه ربما يأتي العيب الخطير مثلا من الشركة المصنعة للإطارات كما حدث حين تسببت شركة للإطارات في أمريكا في وفاة 88 شخصا وإصابة 3000 في فضيحة كبري اشتهرت في المجتمع الأمريكي باسم 'تايرجيت' مما حدا بالشركة إلي سحب حوالي 6.5 مليون إطار من الأسواق. وقد رجت هذه الفضيحة الولايات المتحدة إلي درجة حدت بمجلس الشيوخ الأمريكي إلي الموافقة بالإجماع علي مشروع قانون بتشديد معايير الأمان والسلامة في السيارات والإطارات ويجبر القانون الجديد مصنعي السيارات والإطارات علي ضرورة إبلاغ المشرعين الأمريكيين عن عمليات سحب أو استدعاء السيارات من الداخل والخارج خلال خمسة أيام كما يضاعف العقوبة المدنية ضد مصنعي السيارات لتصل إلي 15 مليون دولار.

وعلي الجانب الآخر لا يزال البعض ينتصر لشفافية وصراحة شركات السيارات التي تعلن عن وجود عيوب بمنتجاتها وتدعو إلي سحبها من الأسواق، ويقول أدموند كنج مدير مؤسسة أبحاث السيارات الملكية ببريطانيا انه منذ سنوات قليلة كان مصنعو السيارات يميلون إلي محاولة إخفاء أي عيب في تصميم سياراتهم إذ كانوا قلقين علي سمعة شركاتهم كما كانت هناك صعوبة في ذلك الوقت للاتصال بصورة سهلة وسريعة بكل الزبائن. لذلك يري كنج إننا يجب ألا نقلق من انتشار الظاهرة حتي لا يؤدي ذلك إلي عودة المصنعين إلي أسلوب الإخفاء والتعمية علي العيوب. والواقع أن المسألة ليست بهذه السهولة في الغرب حيث جمعيات حماية المستهلكين غاية في القوة فضلا عن سيف القانون القاطع الذي لا يفرق بين الشركات كبيرة وأخري صغيرة.. أو صاحب شركة 'مسنودا' وآخر 'بلا سند' فالقانون يطول الجميع...
مجـــــــــــــــــــــــــــــــــــ هونداــــــــــنـــــــــــــــــــون